اطفال خضر تحت ليل كبير

  

   الى هوشنك 

هكذا في يدي سماء كبيرة

في يدي سجناء من الشمال

في يدي الف طائر يلوّح لك ايها الغريب

يا رضيعي وأمي

يا من تجمع الرماد الى الرماد

خبئني برفق هنا او هناك

خلف عيون غائرة في فضة الماء

خلف نخيل احمق وضع قلبه في اعلاه

دعني احمل غيابك بدلا عنك

 

هنا او هناك ليس سوى رماد طيب  يتناسل في الشفاه

خبئني ارجوك ، استحلفك بقلب النخلة الحمقاء بالرماد الطيب

بفضة الماء التي صارت شباكا تعلق الامهات فيه نذورهن ويرجّنه كل حين

استحلفك بالف طائر بلغ رحلته فلم يجد بحيرة الكلدان

 واضطرب انّى يضع بيوضه انّى يلملم  جناحيه

استحلفك بغيابك الذي اردناه عن عمد ان يطول

استحلفك بهذا كله وبالعزيز عليك

ان تخبأني خلف شاهدة لا تتكلم الا

 برماد طيب يتناسل في الشفاه

 

هكذا في يدي سجناء من الشمال

هائمين في جرح لا يمسك العابرين

في امرأة موشومة على كتفي اليمنى

في بيوت تهدلت من الخوف

 

كانت عيونهم مكبلة بالطريق

فقط لو لا لا ينتهي الطريق

فقط لو لا يصلون

مذهولين بروعة الكارثة الرائعة

كعيون طفل ينظر الى نهر اول مرة

كطين السطوح الطليقة المتراصفة

كماء يتبدل من الحزن

كماء يتوق الى شفاه صفراء

كأصابع منذورة الى حجر قديم

 

هكذا ، كم احب يا الهي

ان يتهشم كل قنديل لديّ

كل نجمة ابرقت في خاتمي العقيق

في عباءة ام واقفة خلف السياج

في عيون بريئة كسكاكين تحفر في العيون

في منازل تتعثر بنسوة لا يقدرن على البكاء

في سجون صغيرة مرصوفة على الطريق

في اطفال خضر يتناثرون كحبات مسبحة تحت ليل كبير

في مدن نائمة في حقائب الجنود

المدن عين كبيرة لا تنام

في سماء متراخية كمناديل متهرئة على الجبال

 

هكذا ، احدق ، في يدي

متى ستفرغ ، او سأفرغ منها

من رجال جرجروا اعضاءهم على عجل

 خلّفوا على الحدود عيونا فارغة وخوذا

 لم تعشوشب بعد حين

رجال يمرضون فتمرض ثيابهم ونساؤهم معهم

افنوا ايامهم يفتشون في مقابر هالكة عن

 اعضاء آبائهم وشواهدهم

عن اسراب فتيات مسبيات مع الثلوج

عن حائط فارغ كمساء عليل

رجال ارعبهم دخان نزل عليهم من السماء

فخبؤا اطفالهم في الجرار

 

هكذا ولهذا احيانا وربما بشكل آخر

وكأن سماءً كبيرة من النحاس هوت عليهم.

 

بغداد-1990