كتاب الطين



عماذا يحق له الكلام 
هذا الواقف ببابكِ كحصان عجوز
عن ابيه الذي هبط في البئر
باحثا عن مسائه القتيل
عن اخيه الذي رُمي من اعلى القصر
عن اطفاله الذين يكبرون في اباريق الشاي
عن جنوبه الذي نسي الماء
عن كتابه كتاب الطين الذي خبؤوه 
تحت الارض فتشابهت عليهم الحروف
عماذا يهم بالكلام هذا الراقد في عباءتكِ مثل صليب مكسور

ربما هو آخر من بقي من سلالة قارعي دفوف العزاء
الباكين على حروف الهجاء
على كتاب تكسرت عليه النبال
على قمر سقط ميتا وتطايرت اطرافه في الهواء

ربما انتبهنا متاخرين ولم نتأكد من اسماء آبائنا 
ولا من رخاوة الارض
قارؤوا نقوش الفناء 
المشغوفون بها اكثر من نسائهم وبيوتهم
سدنة الكوارث العظيمة 
حاملوا رماد الموتى واسئلتهم
المبتهجون بالليل اكثر من النهار

ربما انفرطنا من باب خاطئ 
فلم نجد ماءً للحديث
غريبون مستأنسون بغربتهم 
غربة من لا اسم له 
غربة من تشابكت عليه الحروف

ربما نحن آخر المفتونين بالخبز والماء
بالماشين على اقدامهم والماشيات
بنساء يتناسلن عرضا تحت الشمس

كأن عيونهم حقول مسروقة من رز وقمح
كأن عيونهم قطط خائفة تستغيث
حفروا قبورهم بأيدي اعدائهم فلم يستدلوا عليها


لا اول لهم فيبدؤون 
ولا آخر لهم فيرحلون
الى جهة ليست في الحسبان

عيونهم مفتوحة كباب مخلوع
كذلك قلوبهم وكتابهم وان ثشابكت عليهم الحروف