وصايا العاثر


" لم اكن حتى لا شيئا لاني لم اكن انكارا لشيء ما"
لوكليزيو

هذا قدرنا ايها الاخوة
قدر من يلتقي بالفجيعة هربا منها
قدر من يتمدد في جرح مظلم
قدر من يمسك حبة القمح لتصيرا قبرا له
قدر العاثر - الذي هو انا طبعا- وقد وجد نفسه 
رملا منطرحا على الرمل
قدره ان يتذكر 
اصابعه كلّ ليلة ولا يحلم بها
اخته المعلقة خلف الشبّاك
اباه الذي انفرط كخاتم كهل ضرير
كذلك ساعته التي احترقت على الجدار

قبل ان يتناسل بي ابي 
قبل ان اكون هواءة في الهواء
حرفا من الحروف الزائدة في كتاب صدأ في
مكتبة لم تحترق لسوء الحظ
هذا قدرنا ايها الاخوة
قدر من يستيقظ على المسامير 
ليجد نفسه 
تابوتا لفتاة في الرابعة عشر
خزانة للبلاغة او سريرا لملكٍ لا يجيد الا النوم

وصاياه اعمدة على الروح 
حجر في الشفاه 
حبل يعلقون به جراحا باردة واياما غائبات

اما هذه التي كان لها ولم تكن له
لم تعد كما يظنّ كي يسدّ بها الطريق على الوقت
انها .....
جسده الآخر ينساها في اوراقه دائما و في حديثه عنها

قال المحدث 
دسّوه اذن في اسيجة بعيدة
وفرقوه في حصى كثير
كي لا يستدل عليه احد ما

فاحش ثوبها في الظهيرة وفي المساء
قاحل مثلما الحرب وهي تعري القبور من الكلمات
ساعة كبيرة تلتهم الحقائب والجنود 
تلتهم الساعات الصغيرة

هذا قدرنا ايها الاخوة 
لستم بأوفرحظٍ بالتاكيد
يامداخن مقفلة
يا صحراء جاهزة للسلب
يا ركاما من التواريخ القاحلة
يا ليالي سحيقة لا تكتمل الا بالبكاء
ولا يطرب لها قلب الا بزيارة القبور



بغداد-1991